تاریخ انتشار
شنبه ۱۵ تير ۱۳۹۸ ساعت ۰۷:۳۶
۰
کد مطلب : ۳۴۵۲۵

تنزیه أبوعبداللَّه الحسین بن علی(ع)

سید مرتضى علم الهدى‏/ تحقیق فارس حسّون كریم
تنزیه أبوعبداللَّه الحسین بن علی(ع)
 
 [بیان الأسباب فی قدوم الحسین ‏علیه السلام الكوفة وقتاله‏]
 مسألة: فإن قیل: ما العذر فی خروجه علیه السلام من مكّة بأهله وعیاله إلى الكوفة والمستولی علیها أعداؤه، والمتأمّر فیها من قبل یزید [اللعین‏] منبسط الأمر والنهی، وقد رأى علیه السلام صنع أهل الكوفة بأبیه وأخیه، وأنّهم غدّارون خوّانون، وكیف خالف ظنّه ظنّ جمیع أصحابه فی الخروج وابن عباس یشیر [علیه‏] بالعدول عن الخروج ویقطع على العطب فیه، وابن عمر لمّا ودّعه یقول [له‏]: أستودعك [اللَّه‏] من قتیل، إلى غیر من ذكرناه ممّن تكلّم فی هذا الباب.
 ثمّ لمّا علم بقتل مسلم بن عقیل رضى الله عنه وقد أنفذه رائداً له، كیف لم یرجع لمّا علم الغرور من القوم وتفطّن بالحیلة والمكیدة؟ ثمّ كیف استجاز أن یحارب بنفر قلیل [لا مادّة لهم ]جموعاً عظیمة خلفها موادّ كثیرة.
 ثمّ لمّا عرض علیه ابن زیاد الأمان وأن یبایع یزید، كیف لم یستجب حقناً لدمه ودماء من معه من أهله و شیعته و موالیه؟ ولم ألقى بیده إلى التهلكة، وبدون هذا الخوف سلّم أخوه الحسن علیه السلام الأمر إلى معاویة، فكیف یجمع بین فعلیهما بالصحّة؟
 الجواب: قلنا: قد علمنا أنّ الإمام متى غلب على ظنّه أنّه یصل إلى حقّه والقیام بما فوّض إلیه بضرب من الفعل، وجب علیه ذلك وإن كان فیه ضرب من المشقّة یتحمّل مثلها تحمّلها، وسیدنا أبو عبداللَّه علیه السلام لم یسر إلى الكوفة إلّا بعد توثّق من القوم وعهود وعقود، وبعد أن كاتبوه علیه السلام طائعین غیر مكرهین ومبتدئین غیر مجیبین.
 وقد كانت المكاتبة من وجوه أهل الكوفة وأشرافها وقرّائها، تقدّمت إلیه علیه السلام فی أیام معاویة وبعد الصلح الواقع بینه وبین الحسن علیه السلام فدفعهم وقال فی الجواب ما وجب. ثمّ كاتبوه بعد وفاة الحسن علیه السلام ومعاویة باقٍ فوعدهم ومنّاهم، وكانت أیام معاویة صعبة لا یطمع فی مثلها.

 فلمّا مضى معاویة وأعادوا المكاتبة، وبذلوا الطاعة، وكرّروا الطلب والرغبة، ورأى علیه السلام من قوّتهم على من كان یلیهم فی الحال من قبل یزید، وتشحّنهم علیه وضعفه عنهم، ما قوّى فی ظنّه أنّ المسیر هو الواجب، تعین علیه ما فعله من الاجتهاد والتسبّب، ولم یكن فی حسابه أن القوم یغدر بعضهم، ویضعف أهل الحقّ عن نصرته ویتّفق ما اتّفق من الأُمور الغریبة.
 فإنّ مسلم بن عقیل رحمه الله لمّا دخل الكوفة أخذ البیعة على أكثر أهلها، ولمّا وردها عبیداللَّه بن زیاد وقد سمع بخبر مسلم، ودخوله الكوفة، وحصوله فی دار هانئ بن عروة المرادی رحمه الله - على ما شرح فی السیر - وحصل شریك بن الأعور بها جاءه ابن زیاد عائداً، وقد كان شریك وافق مسلم بن عقیل على قتل ابن زیاد عند حضوره لعیادة شریك، وأمكنه ذلك وتیسّر له، فما فعل واعتذر بعد فوت الأمر إلى شریك بأن قال: ذلك فتك، وأنّ النبی صلى الله علیه وآله قال: [إنّ‏] الإیمان قَید الفتك». ولو كان فعل مسلم بن عقیل من قتل ابن زیاد ما تمكّن منه، ووافقه شریك علیه لبطل الأمر، ودخل الحسین علیه السلام الكوفة غیر مدافع عنها، وحسر كلّ أحد قناعه فی نصرته، واجتمع له [كلّ ]من كان فی قلبه نصرته وظاهره مع أعدائه.
 وقد كان مسلم بن عقیل أیضاً لمّا حبس ابن زیاد هانیاً سار إلیه فی جماعة من أهل الكوفة، حتى حصره فی قصره وأخذ بكظمه، وأغلق ابن زیاد الأبواب دونه خوفاً وجبناً حتى بثّ الناس فی كلّ وجه یرغّبون الناس ویرهّبونهم ویخذّلونهم عن [نصرة ]ابن عقیل، فتقاعدوا عنه وتفرّق أكثرهم، حتى أمسى فی شر ذمة [قلیلة] ثمّ انصرف وكان من أمره ما كان. وإنّما أردنا بذكر هذه الجملة أنّ أسباب الظفر بالأعداء كانت [ظاهرة] لائحة متوجّهة، وانّ الإتّفاق السی‏ءَ عكس الأمر وقلبه حتى تمّ فیه ما تمّ.

 وقد همّ سیدنا أبو عبداللَّه علیه السلام لمّا عرف مقتل مسلم بن عقیل، وأُشیر علیه بالعود فوثب إلیه بنو عقیل وقالوا: واللَّه لا ننصرف حتى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا. فقال علیه السلام: لا خیر فی العیش بعد هؤلاء.
 ثمّ لحقه الحرّ بن یزید ومن معه من الرجال الّذین أنفذهم ابن زیاد، [ومنعه من الانصراف، وسامه أن یقدمه على ابن زیاد] نازلاً على حكمه، فامتنع.
 ولمّا رأى أن لا سبیل له إلى العود ولا إلى دخول الكوفة، سلك طریق الشام سائراً نحو یزید بن معاویة، لعلمه علیه السلام بأنّه على ما به أرأف من ابن زیاد وأصحابه، فسار علیه السلام حتى قدم علیه عمر بن سعد فی العسكر العظیم، وكان من أمره ما قد ذكر وسطّر، فكیف یقال: إنّه علیه السلام ألقى بیده إلى التهلكة؟ وقد روی أنّه صلوات اللَّه وسلامه علیه وآله قال لعمر بن سعد: اختاروا منّی إمّا الرجوع إلى المكان الّذی أقبلت منه، أو أن أضع یدی فی ید یزید [فهو] ابن عمّی لیرى فی رأیه، وإمّا [أن‏] تسیرونی إلى ثغر من ثغور المسلمین، فأكون رجلاً من أهله لی ما لهم وعلی ما علیهم. وانّ عمر [بن سعد] كتب إلى عبیداللَّه بن زیاد بما سئل فأبى علیه، وكاتبه بالمناجزة، وتمثّل بالبیت المعروف وهو:
 الْآنَ [إذ] عَلِقَتْ مَخَــالِبُنَا بِهِ‏
یرْجُو النَّجَاةَ وَلَاتَ حِینَ مَنَاص‏

    [من الكامل‏]
 فلمّا رأى علیه السلام إقدام القوم علیه، وانّ الدین منبوذ وراء ظهورهم، وعلم أنّه إن دخل تحت حكم ابن زیاد تعجّل الذلّ [والصغار] وآل أمره من بعد إلى القتل [الدنی‏]، التجأ إلى المحاربة والمدافعة بنفسه وأهله ومن صبر من شیعته، ووهب دمه [له‏]، ووقاه بنفسه، وكان بین إحدى الحسنیین: إمّا الظفر فربّما ظفر الضعیف القلیل، أو الشهادة والمیتة الكریمة.
 وأمّا مخالفة ظنّه علیه السلام لظنّ جمیع من أشار علیه من النصحاء كابن عبّاس وغیره، فالظنون إنّما تغلب بحسب الأمارات، وقد تقوى عند واحد وتضعف عند آخر، ولعلّ ابن عباس لم یقف على ما كوتب به علیه السلام من الكوفة، وما تردّد فی ذلك من المكاتبات والمراسلات والعهود والمواثیق. وهذه أُمور تختلف أحوال الناس فیها ولا یمكن الإشارة [إلّا] إلى جملتها دون تفصیلها.

 فأمّا السبب فی أنّه علیه السلام لم یعد بعد قتل مسلم بن عقیل، فقد بینّاه وذكرنا أنّ الروایة وردت بأنّه علیه السلام همّ بذلك، فمنع منه وحیل بینه وبینه.
 فأمّا محاربة [النفر] الكثیر بالنفر القلیل، فقد بینّا أنّ الضرورة دعت إلیها، وانّ الدین والحزم [معاً] ما اقتضیا فی تلك الحال إلّا ما فعله، ولم یبذل ابن زیاد من الأمان ما یوثق بمثله، وإنّما أراد إذلاله والغضّ من قدره بالنزول تحت حكمه، ثمّ یفضی الأمر بعد الذلّ إلى ما جرى من إتلاف النفس. ولو أراد به علیه السلام الخیر على وجه لا یلحقه فیه تبعة من الطاغیة یزید، لكان قد مكّنه من التوجّه نحوه أو استظهر علیه بمن ینفذه معه، لكنّ الثارات البدریة والأحقاد الوثنّیة ظهرت فی هذه الأحوال. ولیس یمتنع أن یكون علیه السلام فی تلك الأحوال مجوّزاً أن یفی‏ء إلیه قوم ممّن بایعه وعاهده ثمّ قعد عنه، ویحملهم ما یرون من صبره واستسلامه وقلّة ناصره على الرجوع إلى الحقّ دیناً أو حمیة، فقد فعل ذلك نفر منهم حتى قُتلوا بین یدیه شهداء. ومثل هذا یطمع فیه ویتوقّع فی أحوال الشدّة.

 فأمّا الجمع بین فعله علیه السلام وفعل أخیه الحسن علیه السلام فواضح صحیح، لأنّ أخاه سلّم كفّاً للفتنة وخوفاً على نفسه وأهله وشیعته، وإحساساً بالغدر من أصحابه. وهو علیه السلام لمّا قوی فی ظنّه النصرة ممّن كاتبه وتوثّق له، و رأى من أسباب قوّة أنصار الحقّ وضعف أنصار الباطل ما وجب [معه‏] علیه الطلب والخروج، فلمّا انعكس ذلك وظهرت أمارات الغدر فیه وسوء الاتّفاق رام الرجوع والمكافة والتسلیم كما فعل أخوه علیه السلام، فمنع من ذلك وحیل بینه وبینه، فالحالان متّفقان. لأنّ التسلیم والمكافة عند ظهور أسباب الخوف لم یقبلا منه، ولم یجب إلى الموادعة، وطلبت نفسه علیه السلام فمنع منها بجهده حتى مضى كریماً إلى جنّة اللَّه تعالى ورضوانه. وهذا واضح لمن تأمّله.190



پاورقی...............
 
190) شریف مرتضى علم الهدى، تنزیه الانبیاء والأئمّةعلیهم السلام، تحقیق فارس حسّون كریم (چاپ اوّل: قم، بوستان كتاب، 1380)، ص 269 - 273.
 
نام شما

آدرس ايميل شما
نظر شما